منتدى الحكمة أحمد محمد الصغير ( معلم أول الفلسفة والمنطق)
مرحبا بالأخوة والأخوات نتمنى من الله أن تجدوا ما تبحثون عنه وأن تسعدوا بأوقاتكم ****
منتدى الحكمة أحمد محمد الصغير ( معلم أول الفلسفة والمنطق)
مرحبا بالأخوة والأخوات نتمنى من الله أن تجدوا ما تبحثون عنه وأن تسعدوا بأوقاتكم ****
منتدى الحكمة أحمد محمد الصغير ( معلم أول الفلسفة والمنطق)
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى الحكمة أحمد محمد الصغير ( معلم أول الفلسفة والمنطق)

منتدى الحكمة ( أ/أحمد محمد الصغير - قنا - دشنا )
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 منهج الفلسفة كاملا (جزء أول)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أبوهاجر
مدير المنتدى
أبوهاجر


عدد المساهمات : 41
تاريخ التسجيل : 11/02/2012
العمر : 46
الموقع : http://ahmed19.ahlamontada.com

منهج الفلسفة كاملا (جزء أول) Empty
مُساهمةموضوع: منهج الفلسفة كاملا (جزء أول)   منهج الفلسفة كاملا (جزء أول) Icon_minitime1الجمعة مارس 02, 2012 8:56 pm

أحمد محمد الصغير أحمد
أحمد محمد الصغير أحمد

منهج الفلسفة والمنطق كاملا (جزء أول)

مُساهمة أحمد محمد الصغير أحمد في الثلاثاء فبراير 21, 2012 2:35 pm

اولا الفلسفه
طبيـــــعة وخصائص التفكير الفلسفي
[1] أساليب التفكير ومكانة الأسلوب الفلسفي
أولاً : اختلاف أساليب التفكير وتنوعها :
التفكير هو مجموعة العمليات العقلية الراقية التى يقوم بها الإنسان مستهدفاً حل مشكلة ما أو تفسير موقف غامض ، وتختلف أساليب وطرق التفكير من شخص لآخر ، ومن بيئة لأخرى ، ومن عصر لعصر ، وقد فرق العلماء بين أربعة أنواع من أساليب التفكير هى :
ں الأسلوب الخرافى
ں الأسلوب الدينى
ں الأسلوب الفلسفى
ں الأسلوب العلمى
µ فتفسير ( الرعد والبرق ) بأنه تعبير عن غضب الآلهة : « تفسير خرافي » .
µ وتفسيرهما بأنهما دليل على وجود الله : « تفسير ديني » .
µ وتفسيرهما بربطهما بظواهر الكون والوجود : « تفسير فلسفى ».
µ وتفسيرهما بتقابل الموجات الكهربائية مع بعضها : « تفسير علمى » .
ويمكن توضح ذلك على النحو التالي :
(1) الموقف البدائي وأسلوبه :
* يقوم الموقف البدائي – عند تفسيره للظواهر الطبيعية بإرجاعها إلى علل :
غيبة غير منطقية وغير معلمية ولا يمكن التأكد من صحتها بالتجربة وذلك نظراً لسذاجته وتخلف عقليته فهو مثلاً يقول بوجود عدة آلهة يختص كل إله منها بالتحكم فى ظاهرة معينة من ظواهر الطبيعة فعندما تغضب الآلهة تحدث الظواهر الطبيعية ( كالرعد والبرق ) مثلاً : كعقاب للبشر ، ولذلك يقوم الإنسان البدائي بتقديم القرابين للآلهة فى محاولة لإرضائها.
(2) الموقف الديني وأسلوبه :
إن الموقف الدينى – دون النظر إلى نوعية الدين – يحاول ربط الظواهر الطبيعية بقدرة الله تعالى الذي هو خالق العالم كله بشتى ظواهره . فظاهرة البرق والرعد مثلاً هى دليل على وجود الله ، وعلى قدرته التى تفوق قدرة الإنسان .
(3) الموقف الفلسفي وأسلوبه :
يتسم الموقف الفلسفي فى تفسير ظواهر الطبيعة بالنظرة العقلية التأملية الشاملة للظاهرة فى ارتباطها ببقية الظواهر الأخرى للوجود كله . ويحاول تقديم تفسير منطقي مقبول لها من الوجهة العقلية الخاصة . فهو إذن يربط ظواهر الطبيعة الجزئية يبعضها ؛ ليكون منها حقيقة كلية شاملة تفسر الوجود كله دون الاقتصار على ظاهرة معينة كالبرق والرعد مثلاً . وهو يحاول أيضا البحث عن العلل البعيدة التى تتحكم فى كل ظواهر الوجود
(4) الموقف العلمى واسلوبة:
يقوم الموقف العلمى على تحليل الظاهرة الطبيعية ( كالرعد والبرق) ليعرف الأسباب المادية المباشرة التى تؤدى على حدوثها مستخدماً فى ذلك الحواس والأجهزة العلمية المختلفة وليس التأمل العقلى المجرد .
فهو يقوم بالتجارب العملية المتعددة لإكتشاف القانون الذى يفسر الظاهرة فظاهرة البرق والرعد تحدث نتيجة تفريغ الشحنات الكهربية غير المتجانسة بين الأجزاء العليا والسفلى فى السحب . وينتج عن ذلك ضوء – هو البرق – وصوت – هو الرعد .
ويحاول العلماء – بعد ذلك الاستفادة من هذا الاكتشاف فى تحاشى حدوث الصواعق باستخدام التكنولوجيا التى تزيد من سيطرة الإنسان على الطبيعة .
[2] المعانى العامة للفلسفة
µ الأصل اللغوى للكلمة :
(الفلسفة) كلمة يونانية تتكون من كلمتين ( فيلو Philo ) بمعنى (حب) و (صوفيا Sophia) بمعنى (الحكمة) ، وبذلك يكون معناها فى اللغة هو ( حب الحكمة ) .
و (الفيلسوف) هو ( محب الحكمة) . والحكمة هى المعرفة العقلية الراقية والإدراك الكلى لحقائق الوجود. والتفكير التأملي هو الذى يتناول المشكلات الكبرى المعقدة فى مختلف أمور الحياة ويحاول تفسيرها وحلها . ولم يتفق المفكرون والفلاسفة على تعريف واحد للفلسفة . ولذلك تعددت تعريفاتها ، وهى تدور حول أن (الفلسفة هي وجهة نظر عقلية فردية خاصة تجاة موقف ما أو ظاهرة معينة فى حياة الإنسان).
والفيلسوف عندما يحاول تفسير ظاهرة ما ( كالخير والشر مثلاً ) فإنه يبرهن على وجهة نظرة بالأدلة العقلية الكافية للاقتناع بها ، متأثراً فى ذلك بخبرات حياته الخاصة وظروف مجتمعة .
التعريفات العامة للفلسفة
التعريف الأول : الفلسفة هى المعرفة الكلية المطلوبة لذاتها
مفهومة : هذا التعريف يعنى ما يلى : الفلسفة ليست علماً جزئياً كالعلوم الأخرى التى تقتصر على بعض الحقائق الجزئية ( كالصوت أو الضوء أو طبقات الأرض والسلوك الإجتماعى للإنسان).
إن الفلسفة تدرس الحقيقة الكلية لموجودات عامة . وتنصب على الوجود كله فى صورته العقلية الشاملة
إن الفلسفة تهتم بالمشكلات العامة ذات الطابع العقلى الكلى مثل :
ں طبيعة الوجود ں ماهية الإنسان ں مشكلة الحرية .
ں الحياة والموت ں الحقيقة واليقين
ولذلك تعتبر الفلسفة ( علم المعرفة الكلية ) أو ( علم العلوم ).
(4) إن الفيلسوف عندما يدرس الحقائق المتفرقة للوجود فإنه يجمعها مع بعضها ويجردها من طبيعتها المادية المتغيرة ثم يربطها فى تسلسل منطقي وترتيب معين ليكون منها منهجاً ومذهباً فلسفياً خاصاً به يستطيع من خلاله تفسير مختلف ظواهر الوجود .
ں نقد وتعليق :
لقد تطرف بعض الفلاسفة القدماء حينما جعلوا المعرفة الكلية مطلوبة لذاتها بوصفها متعة عقلية للإنسان . متأثرين فى ذلك بظروف عصرهم ومجتمعاتهم . ولكن هذه الظروف قد تغيرت بعد ذلك إن الفيلسوف في بحثه عن الحقائق الكلية فى الوجود تكون رغبته الأساسية هى طلب المعرفة لذاتها معتمداً في ذلك على التأمل العقلي دون الممارسة العملية والمنفعة الشخصية .
التعريف الثاني : الفلسفة هي علم المبادئ الأولى لكل ظواهر الوجود
مفهومه : هذا التعريف يشير إلى أن الطبيعة العقلية للفيلسوف تجعله لا يقنع بقبول المبادئ القريبة والعلل المباشرة في تفسير مختلف ظواهر الوجود . فهذا شأن العالم الذى يستخدم فى ذلك الحواس والمنهج التجريبي .
إن الفيلسوف يقوم بتفسير الحقائق الجزئية المادية بردها إلى أصولها العقلية الأولى وعللها الحقيقية البعيدة . فعالم النبات يهتم بمعرفة الأسباب المباشرة لنمو النباتات ( كالماء والهواء والشمس والتربة) ، ولكن الفيلسوف يهتم بمعرفة المبادئ العامة لنمو النبات والحيوان والإنسان وكل الكائنات الحية الأخرى ، وهكذا بقية ظواهر الوجود.
- نقد وتعليق :
إن هذا التعريف للفلسفة يقترب كثيراً من التعريف السابق لها ؛ لأن المبادئ الأولى والعلل البعيدة للموجودات هى بطبيعتها ( كلية وعامة ) وهى تتصف بالطابع العقلي المجرد لذلك يحتاج الفيلسوف فى دراسته إلى التأمل العقلي ،حتى يستطيع صياغة كل حقائقها فى مذهب شخصي ينسب إليه وحده
التعريف الثالث:الفلسفة هى وجهة نظر عقلية فردية خاصة تجاه موقف ما أو ظاهرة معينة فى حياة الإنسان
مفهومه : هذا التعريف يشير إلى أن الفيلسوف حينما يدلى بوجهة نظرة العقلية الخاصة فى تفسير بعض ظواهر الحياة والوجود ( كظاهرة الخير والشر عند الإنسان ) فهو يؤيد وجهة نظرة بكل الأدلة العقلية الممكنة دون أن يكون ملزماً بإعطاء صورة كلية لمختلف ظواهر الوجود .
هذا التعريف يعنى أيضا أنه قد يأتى فيلسوف آخر يقول رأياً فى تفسير الخير والشر مخالفاً لرأى الفيلسوف الأول وذلك لأن كل فيلسوف يتأثر بخبرات حياته الخاصة وظروف مجتمعه واتجاهات عصره
نقد وتعليق :
هذا التعريف يعبرعن طبيعة الفيلسوف العقلية المتفردة أكثر مما يعبر عن موضوع فكر الفيلسوف وهو الوجود الكلى ، والعلل الأولى للأشياء .
[3] مباحث الفلسفة ومشكلاتها الأساسية
(أ) تحول موضوع الفلسفة من( كل المعارف) إلى ( بعض المباحث):
* كانت الفلسفة قديماً هى أم العلوم أو هى علم العلوم ، وهى ( علم المعرفة الكلية الشاملة ، وعلم المبادئ الأولى لكل ظواهر الوجود) ولذلك كان فلاسفة اليونان ، وفلاسفة العصر الإسلامى والمسيحي الوسيط ، وحتى أوائل عصر النهضة الأوروبية ، كانوا يبحثون فى مختلف موضوعات الفكر والحياة والوجود ، فى المنطق والأخلاق وعلم النفس والرياضيات والموسيقى والفلك والفن والعلوم الإلهية والطبيعية والإنسانية. وكانوا يبحثون فى كل هذه الموضوعات بأسلوب فلسفى تأملى عقلي تحليلي .
* ومع بداية عصر النهضة وظهور المنهج التجريبى بدأت بعض العلوم تنفصل عن الفلسفة ، واتخذت لها مناهج أخرى غير المنهج الفلسفي .
- فانفصلت العلوم الطبيعية ، واستخدمت المنهج التجريبى.
- وانفصلت العلوم الرياضية ، واستخدمت منهج التحليل الرياضى .
- وانفصلت علوم الفلك والموسيقى وعلم الإجتماع ، واتخذت لها منهاج خاصة بها تتناسب مع طبيعتها .
- وأحدث العلوم التى انفصلت عن الفلسفة ( علم النفس ) و ( علم الإجتماع ) .
(ب) المباحث الرئيسية للفلسفة حالياً :
بعد أن أنفصل عن الفلسفة ما انفصل عنها من علوم بقيت لها ثلاثة مباحث رئيسية وبعض العلوم الفرعية الأخرى التى نوضحها على النحو التالى :
ں مبحث الوجود ومشكلاته ( الأنطولوجيا Ontology)
وهو البحث الذى يبحث فى ( الوجود ككل ) لمعرفة خصائصه الأساسية العامة وقوانين المادة والحركة فيه ، وهل هو مادى أم روحى أم مزيج من المادة والروح ؟ وهل هو ثابت أم متغير ؟ ... إلخ
ں مبحث المعرفة ومشكلاته ( الإبستمولوجيا Epistemology )
وهو المبحث الذى يحاول الوصول إلى معرفة الوسيلة التى تتم بها المعرفة، وهل هى العقل أم الحواس أم الحدس (وهو الرؤية العقلية المباشرة للأفكار والحقائق البسيطة) وهو يختلف عن (الحواس والعقل) و الموازنة بينهم وأيهم أكثر دقة
وهل يمكن أن تكون معرفة الوجود كاملة وشاملة لكل حقائقه أم هى مقصورة على ما يظهر لنا منها فقط ؟
ں مبحث القيم ومشكلاته ( الأكسيولوجيا Axiology )
ومبحث القيم يدور حول المثل العليا والقيم المطلقة ، للكشف عن ماهيتها . وأهم القيم هى : الحق والخير والجمال
وقيمة الحق : يدرسها علم المنطق . وهو يهدف إلى معرفة قواعد التفكير الصحيح .
وقيمة الخير : يدرسها علم الأخلاق . وهو يهدف إلى تحديد القواعد التى نعرف بها الفعل ( الذى يمكن وصفه بأنه خير ) والفعل ( الذى يمكن وصفه بأنه شر).
وقيمة الجمال : ويدرسها علم الجمال ، وهو يدرس الأسس والقواعد التى نستيطع أن نفرق بها بين ( ماهو جميل ) و ( ما هو قبيح ) .
(جـ) المباحث الفرعية للفلسفة :
وهناك أبحاث فرعية متخصصة تحاول تحليل كل علم على حدة ، ومنها فلسفة الدين ، وفلسفة القانون , فلسفة التاريخ ، ويمكن توضيحها على النحو التالى :
فلسفة الدين : وهى العلم الذى يهتم بمعرفة الأسس العامة للدين ، دون الإقتصار على دين معين . وذلك بهدف تدعيم الإيمان بالله والعقائد الدينية الأخرى عن طريق الأدلة العقلية والحجج المنطقية .
فلسفة القانون : وهى تدرس الصلة بين القانون الطبيعى والقانون الوضعى والأسس الفلسفية العامة للمسئولية . كما تدرس الأسس العامة التى يقوم عليها القانون وعلاقته بفكرة العدالة ، ومبادئ الأخلاق ، والإلزام والحرية دون التركيز على قوانين دولة بعينها .
فلسفة التاريخ : وهى محاولة لتفسير مجرى التاريخ فى ضوء نظرية فلسفة عامة ، وكشف القوانين التى تحكم سير الأحداث التاريخية ، بصفة عامة دون الإهتمام بتفاصيل الأحداث ، وهى تحاول ( تفسير تاريخ البشرية – وليس تاريخ شعب بعينة ).

أهمية الفلسفة فى الإرتقاء بالإنسان
إرتباط الفلسفة بالإنسان والمجتمع وظروف العصر
الفلسفة وسيلة لتحقيق غايات انسانية واجتماعية :
إن الفلسفة ليست متعة عقلية مطلوبة لذاتها .
إن الفلسفة – مثل العلم – فكلاهما وسيلة لتطوير الإنسان .
إن الفيلسوف ليس شخصاً منعزلاً عن المجتمع ، يعيش فى برج عاجى ، فالفيلسوف عضو فى مجتمعه يتأثر به ويؤثر فيه .
ارتباط الفلسفة بالمجتمع ومظاهر أهميتها :
ں إن الفيلسوف عضو فى المجتمع ، يتأثر به وبأحداثه ، كما يؤثر فيه أيضا .
ں ورسالة الفيلسوف هى أن يحلل مشكلات المجتمع ويحاول تقديم الحلول لها .
أولاً : أهمية الفلسفة بالنسبة للفرد
(1) إثارة وتعميق الوعى الفردى :
ويتم ذلك بدفع الفرد للتأمل فى حياته بطريقة أكثر عمقاً ، و إدراك ماهية نفسه وتوقظه من ثباته العميق ليدرك حدود حريته ، ومكانته فى الوجود بصفة عامة وفى المجتمع بصفة خاصة .
(2) الارتفاع بالمستوى العقلى للفرد فى حل المشكلات :
لأن دراسة وجهات نظر الفلاسفة فى مختلف مشكلات الحياة ، ومعرفة آرائهم فى حل المشكلات ، يزيد النضج العقلي للفرد ويساعده على حل مشكلاته بطريقة أفضل .
(3) تأكيد الإيمان والثقة بقدرة الله :
فالفلسفة تهدف إلى تأكيد إيمان الإنسان بالله – على أسس اقتناع عقلى – والبرهنة على وجود الله بالعقل . فالفلسفة ليست كفراً وإلحاداً كما يدعى البعض .
ثانياً : ارتباط الفلسفة بتقديم الجماعة
(1) الارتقاء بالمجتمع ككل :
إن كل فائدة تعود على الفرد من دراسة الفلسفة ، تعود أيضا بالفائدة على الجماعة وعلى المجتمع . مما يؤدى إلى تقدمه ورقية ، والفلسفة تعلم الفرد التفكير النقدى العميق ، ويقوم دارسو الفلسفة بتنظيم مختلف شئون الحياة فى مجتمعاتهم الصغيرة ، مما يؤدى إلى نشر الوعي العام بين أفراداً المجتمع . لأن نضج عقلية كل فرد فى المجتمع ، يؤدى إلى الارتقاء بالمجتمع ككل .
(2) كشف مشكلات المجتمع :
فالفلاسفة يعتبرون مصلحين اجتماعيين مهمتهم هى الكشف عن مشكلات المجتمع وتحليلها ، والبحث عن أسبابها البعيدة ومبادئها ومحاولة إيجاد حل لها . ومن الأدوار البارزة التى قام بها الفلاسفة فى هذا المجال .
µ ســــــقراط :
الذى عاش فى المجتمع اليونانى وتصدى للفساد الذى انتشر على يد السوفسطائيين ، وأعاد الثقة إلى نفوس شباب أثينا
µ الإمام الغزالى :
فى المجتمع العربي الإسلامي: الذى تصدى لإنحرافات الشباب وحاول نشر الدعوة إلى الدين الصحيح وغرس الإيمان بين الشباب .
µجون ستيوارت مل :
الذي ساهم في تطوير المجتمع الإنجليزي اقتصادياً وسياسياً من خلال نظرياته الفلسفية عن الحرية والمنفعة العامة
(3) تحديد الإطار الفكري ( الأيديولوجي ) للمجتمع :
(أ) والإطار الفكري (الأيديولوجي ) يشمل المبادئ النظرية العامة التى يسيير العمل الوطنى فى المجتمع وفقاً لها. وينظم سلوك الأفراد ويحدده فلا يتم بطريقة عشوائية . ومن خلاله يمكن تفسير النشاط الإقتصادى والسياسي والإجتماعى والقانوني لغالبية أفراد المجتمع .
(ب) والإطار الفكري الأيديولوجي يختلف من مجتمع لآخر حسب ظروفه الخاصة ، وهو يمثل البناء النظري للمجتمع
(جـ) ودور الفلاسفة ورجال الفكر بصفة عامة هو استخلاص هذه الأسس الفكرية والمبادئ النظرية للحياة العملية في المجتمع وذلك عن طريق المنهج الفلسفي التحليلي ، مما يساعد على فهم السلوك العملي للأفراد والممارسات الجزئية اليومية لهم ، وهكذا تكون الفلسفة مهمة للمجتمع .
ثالثاً: ارتباط الفلسفة بظروف العصر
الحروب العالمية والحاجة للسلام :
أدى قيام عدة حروب عالمية بين شعوب العالم إلى الحاجة إلى الدعوة للسلام . وقد ساهم الفلاسفة فى ذلك بدور كبير باعتبارهم يمثلون ( ضمير العصر) .
µ أمثلة لجهود الفلاسفة فى الدعوة للسلام العالمى
(1) الفارابى ( 870 – 950م) .
هو أول من نادى بالمجتمع الإنسانى العالمى الذى يسوده التعاون والسلام بين جميع أفراده مما يحقق السعادة للإنسان على وجه المعمورة وبذلك سبقت أفكاره الأفكار التى قامت عليها الأمم المتحدة . تأثر الفارابى بتعاليم الإسلام الحنيف وبقول النبى r « لا فضل لعربى على أعجمى إلا بالتقوى والعمل الصالح » .
ويرى الفارابي أن المدينة الفاضلة هى التى يشيع فيها التعاون لا الصراع والشقاق ، فإذا ما تحقق التعاون بين المواطنين أصبحت المدينة فاضلة يتسم أهلها بالنظام والعلم .
(2) عمانويل كانط :
فى كتابه ( مشروع للسلام الدائم ) دعا كانط إلى قيام هيئة متحدة لأمم العالم ، تتعاون على حل المشكلات سلمياً بين الشعوب المتحاربة . وتؤكد الحرية والطمأنينة عند الشعوب كلها .
(3) كارل ياسبرز :
الذى طالب الفلاسفة والعلماء ورجال السياسة بالتصدى لخطر القنبلة الذرية ( بعد حادث هيروشيما وناجازاكى ) ودعا إلى نشر الطمأنينية بين الناس للتخلص من القلق والخوف الدائم من التهديد المستمر باستخدامها .
(4) برتراند راسل :
هاجم سياسة بلاده الإستعمارية أثناء العدوان الثلاثى على مصر 1956 وأقام محكمة رمزية للسلام العالمى تحاكم مجرمى الحرب ، وهم رؤساء وقادة الدول الذين يهددون بإعلان الحروب ويثيرون الرعب بين الشعوب وندد أيضا باستخدام الأسلحة النووية .
(5) جان بول سارتر :
الذى عارض سياسة فرنسا الاستعمارية ، وطالب باستقلال الجزائر على أساس موقف الإنسان من الحرية ، وضرورة أن يكون للفيلسوف موقف حتى فى مواجهة الحرب. لأنها تؤدى إلى تقييد الحرية والاضطراب فى السلوك والعمل .
خصائص الشك وعلاقته باليقين وأنواعه
مشكلة الشك واليقين
مشكلة الشك واليقين هى جزء من ( مبحث المعرفة) وهى تدور حول مدى إمكان قيام معرفة يقينه بالعالم الخارجى . وهل هذه المعرفة اليقينية ممكنة أم نحن عاجزون عن الوصول إليها ؟ وأن كل معارفنا عن هذا العالم ( ظنية ) تخضع للشك ولا ترقى لليقين؟
ں البعض يرى أننا نستطيع أن نصل إلى معرفة يقينية ، وهؤلاء هم أصحاب مذاهب اليقين .
ں والبعض الآخر يرى أننا لا نستطيع ذلك، وهؤلاء هم أصحاب مذاهب الشك
- ولكن ما المقصود ( بالشك) ؟ - وما المقصود ( باليقين)؟ - وما هى خصائص كل منهما ؟
(1) طبيعة الشك وخصائصه وعلاقته باليقين
(أ) تعريف الجرجانى للشك :
فى معجمه الفلسفى ( التعريفات ) يعرف الجرجانى الشك بأنه :
1- للتردد بين النقيضين بلا ترجيح لأحدهما على الآخر عند الشخص الشاك .
2- والشك هو ما استوى طرفاه
3- وهو الوقوف بين الشيئين لا يميل القلب إلى أحدهما .
(ب) خصائص الشك :
(1) توقف الشخص الشاك عن إصدار أحكام ، سواء بالقبول أو بالرفض .
(2) قدرة الشخص الشاك على الاختيار والإنتقاء بين النقيضين ، ولكنه – برغم ذلك – يرفضهما معاً ، وبدون هذه القدرة لا يعتبر الموقف شكاً بل عجزاً .
(3) إن الشك يعبر عن الحرية الذاتية للفرد .
فالشخص الذى اختار رفض النقيضين ، إنما يمارس نوعاً من الحرية . الذاتية فى أن يحكم أو لا يحكم ، وأنه اختار ألا يحكم ، واختار موقف الشك بإراداته الحرة دون أى إجبار .
(4) الشك موقف عقلى واع ، واتجاه فلسفى يتخذه صاحبه بعد تفكير عميق ومناقشة للناقدين ، وهو ليس جهلاً لأن الشخص الشاك رفض النقيضين عن علم ، وبعد أن قام بتفنيد كل منهما ولم يجد فيها ما يقنعه بها .
(2) معنى اليقين وخصائصه
(أ) تعريف اليقين : هو الإقرار بصحة موقف معين ، والتأكد من صواب الأدلة المدعمة لهذا الموقف ، دون غيره من المواقف .
(ب) خصائص اليقين :
1- اليقين انحياز واضح وصريح لأحد مواقف أو أطراف المشكلة . وترجيحه بالأدلة الكافية ، على غيره من الأطراف الأخرى ، وبدون هذه الأدلة يصبح اليقين مجرد موافقة عمياء فقط .
2- اليقين هو القدرة على الاختيار ، وعلى إثبات صحة أحد النقيضين والانحياز له دون الآخر بالأدلة والبراهين ، وهو يتسم بالحرية فى الاختيار .
[3] انواع الشك من حيث الهدف ( شك مذهبى – وشك منهجى )
ينقسم الشك من حيث الهدف إلى نوعين :
ں شك حباً فى الشك فى ذاته وسعياً وراء تقويض ( أى هدم ) أية حقيقة . ممكنة ، وهو ما يطلق عليه اصطلاح (الشك المذهبى )
ں وشك مؤقت هو فى الحقيقة تمهيد للتوصل إلى الحقائق اليقينية الثابتة وهو ما يطلق عليه اصطلاح (الشك المنهجى) ولكل من النوعين من الشك خصائصه التى يمكن توضيحها على النحو التالى :
أولاً : خصائص الشك المذهبى :
مذهبى : لأن صاحبه يتخذه مذهباً له فى التفكير وفى الحياة .
دائــــــــــم : لأن صاحبه يظل معتنقاً له – اقتنا بصحته – دون التفكير فى تغييره ، بعد أن أصبح مذهباً عند صاحبه
هدف فى ذاته : أى أنه أصبح مطلوباً لذاته .
يؤدى إلى الشك : لأن ممارسة هذا النوع من الشك لا يؤدى إلى نتيجة جديدة خلاف الشك نفسه .
هــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــدام : أى أنه لا يؤدى إلى البناء .
ثانياً : خصائص الشك المنهجى
منهجــــــــــــــــــــــــــــــــــى : لأن صاحبه يتخذه منهجاً فقط فى التفكير دون أن يتمسك به كمذهب .
مؤقـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــت : لأنه ينتهى بعد أن تتحقق الأهداف المرجوة منه .
وسيلة لا غـأيـــــــة : فهو وسيلة مؤقته لتحقيق أهداف أبعد منه وأعلى .
يؤدى إلى اليقين : وهو الهدف الأساسى من الشك المنهجى المؤقت .
بنــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاء :لأن الشك إذا كان هدفه الوصول إلى اليقين يكون شكاً بناء ونافعاً للفرد والمجتمع .
µويتمثل الشك المذهبى فى شك السوفسطائيين فى المجتمع اليونانى القديم وعلى رأسهم( بروتاجوراس)
ويتمثل الشك المنهجى – فى الشرق العربى الإسلامي – فى فكر ( الإمام الغزالى ) وفى الغرب الأوروبى فى فكر الفيلسوف الفرنسى ديكارت.
الشك المذهبى المطلق وانهيار الحضارة

(أ) مظاهر ارتباط الشك المذهبى المطلق بالإنهيار الحضارى
(1) ظهور الشك المطلق مع تفكك وانهيار المجتمع .
عندما تنهار حضارة مجتمع : ( ما الذى يمكن أن يحدث فيه ؟ ) .
1- تنحل فيه القيم .
2- تتدهور فيه الأخلاق .
3- يحل (التقليد) و ( النقل ) و (الاقتباس) محل التفكير الإبداعى الراقى .
4- ينتشر ( التشاؤم) و (اللامبالاة) و(اليأس) و ( الإنهزامية).
5- ويظهر (الشك المذهبى الهدام) الذى يهدد الحياة الفكرية والاجتماعية والأخلاقية فى المجتمع .
(ب) أمثلة للشك المذهبى المطلق فى دراستنا الحالية :
حركة السوفسطائيين الذين ظهروا فى المجتمع اليونانى – والتى قادها بروتاجوارس – وتصدى لها سقراط وأفلاطون وأرسطو .
[ب] الشك السوفسطائى وأزمة المجتمع اليونانى
(أ) السوفسطائيون وأزمة المجتمع اليونانى :
(1) بدأ الشك المذهبى يظهر فى المجتمع اليونانى القديم على أيدى السوفسطائيين (وهم معلمو الخطابة).
(2) فى البداية كان السوفسطائيون يعلمون الخطابة ، وكان يحترهم الناس . ولكنهم بدءوا يمارسون الألاعيب اللغوية والمغالطات المنطقية ويجعلون الحق باطلاً والباطل حقاً ، ويستغلون قدراتهم هذه فى الدفاع عن المتهمين أمام المحاكم وتبرئتهم برغم ثبوت التهم عليهم .
(3) أخذ السوفسطائيون يتاجرون بقدراتهم الفائقة على الجدل والمغالطة ويعلمون شباب أثينا المهارات مقابل أجور عالية مما أدى إلى انتشار موجهة من الشك العام بين الشباب وأصبحت كلمة السوففسطائى كلمة مشينة لصاحبها بعد أن كانت تدعو للفخر .
(ب) مبادئ الشك السوفسطائى
ں المبدأ الأول : اعتبر السوفسطائيون الحواس وسيلة المعرفة وليس العقل . ولما كانت الحواس تختلف من شخص لآخر فإن (المعرفة تصبح نسبية) تختلف من شخص لآخر ( وليست هناك حقيقة واحدة ثابتة وعامة .
ں المبدأ الثانى : إثبات صدق القضايا المتناقضة فى وقت واحد واعتماداً على المغالطة .
أهداف الشك السوفسطائى :
1- الكسب المالى باستخدام المغالطات فى الدفاع من المتهمين أمام المحاكم وتبرئتهم .
2- التسلية والسخرية وإثبات مهاراتهم فى إثبات الرأي ونقيضه فى نفس الوقت .
3- كانوا يريدون أن يثبتوا أن العقل البشرى (عاجز) عن إدراك الحقيقة المطلقة كما كان يقول الفلاسفة من قبلهم.
(جـ) الشك السوفسطائى الهدام عند ( بروتاجوراس)
اتخذ بروتاجوراس من الشك مذهباً دائماً له ، وجعله غاية يهدم به كل يقين .
أولاً : الشك فى الدين :
شك بروتاجوراس فى الدين الوثنى الذى كان سائداً فى عصره وألف كتاباً عن ( الهة اليونان) قال فيه ) أنا لا أستطيع أن أعلم ما إذا كانت الألهة موجودة أم غير موجودة وعلى أى صورة هى ، لأن الموضوع غامض والعمر قصير ، وقد هاجمه اليونانيون وأحرقت السلطات كتبه وأضطروه للهرب.
ثانياً : الشك فى المعرفة :
شك بروتاجوارس فى المعرفة الإنسانية واعتبرها غير يقينية ، واعتبر ( الإنسان مقياس كل شئ ما يوجد وما لا يوجد ) وليس هناك معرفة واحدة مطلقة يرجع إليها الجميع وتكون معياراً للصدق العام . ولكن ( هناك معارف نسبية متغيرة من فرد لآخر حسب اختلاف قوة الحواس عندهم ) .
[د] تصدى سقراط للرد على السوفسطائيين
(1) حمل سقراط لواء التصدى للسوفسطائيين وكشف مغالطتهم التى أثرت فى المجتمع اليونانى .
(2) كان سقراط يوجب أسواق وشوارع أثينا ليجادل السوفسطائيين علنا ويبطل حججهم ويكشف ألاعيبهم ويثبت – أمام الجميع – ما فيها من تناقض وتهافت ، وعدم اتفاقها مع العقل السليم .
(3) استخدم سقراط – مع السوفسطائيين – أسلوب الجدل وهو نفس سلاحهم .
(4) والجدل فى المنهج السقراطى يقوم على جانبين : ( التهكم والتوليد)
أولاً : التهـــــــــــــــــكم :
كان سقراط يتهكم من جهل السوفسطائيين وعدم معرفتهم بحقيقة الأشياء التى يتحدثون عنها وكان يسخر منهم .
كان سقراط لا يفرض على المتحاورين رأياً معينا أو حقيقة معينة .
كان سقراط يردد كثيراً ( أنه كان يبحث عن الحقيقة ولا يعرفها ) . كانت حكمة وفضيلة سقراط فى أنه (كان يعلم أنه يجهل الحقيقة ). بينما كان السوفسطائيون يدعون معرفتهم بالحقيقة وهم جاهلون لها وكان دليل على جهلهم هو تعارض آرائهم وتناقضها .
ثانياً : التــــــولـــــــــــــــــيد :
المقصود بالتوليد هو ( استخراج الأفكار من المعقول ) عن طريق تحليل الألفاظ وردها إلى معانيها الحقيقية الأصلية دون مغالطة أو خديعة .
كان سقراط يعتمد على مبدأ أساسي هو ( أن العقل الإنسانى هو وسيلة الإدراك الصحيح للحقيقة ، وليست الحواس الفردية النسبية المتغيرة) كما يدعى السوفسطائيون.
ں الجانب النقدى من فلسفة سقراط :
تحلى سقراط بالروح النقدى التى كانت تغلب على فلسفته . وقد كانت له آراء إيجابية كثيرة كان يستنبطها من الانتقادات التى كان يوجهها للآخرين ويخرج ما فى جعبتهم من علم زائف وهكذا نجح سقراط فى أن يوقف المد السوفسطائى والطوفان الشكى الذى زعزع المجتمع اليونانى ، وبذلك يكون قد مهد لبداية عصر فكرى جديد فى المجتمع اليونانى بلغت فيه الفلسفة قمة نضجها على يدى أفلاطون وأرسطو .

الشك المنهجى والبناء الحضـــــارى

(1) مظاهر إرتباط الشك المنهجى بالبناء الحضاري
البحث عن اليقين كأساس لبناء الحضارة .
تقوم الحضارات على التقدم العقلى ، والارتقاء الفكري ، والتطور الجذرى الشامل ، وكل هذا لابد أن يؤسس على اليقين وليس على الشك المذهبي الدائم .
ولكن التوصل إلى اليقين الدائم يقتضى نوعاً من الشك المنهجي المؤقت الذى يعتبر وسيلة للوصول إلى اليقين وهذا هو المنهج الذى قامت عليه فلسفة الغزالي فى الحضارة الإسلامية ، وفلسفة ديكارت فى الحضارة الغربية .
[2] الشك المنهجي فى الحضارة الإسلامية [ الغزالى ) 450 – 505هـ)
(أ) أهداف الشك المؤقت عند الغزالى :
تتمثل أهداف الشك المؤقت عند الغزالى فيما يلى : كان الإمام أبو حامد الغزالى من أكبر علماء الدين الإسلامى فى عصره ، وكان يطلق عليه لقب (حجة الإسلام) . ومن أشهر كتبه ( المنقذ من الضلال) . بدأ الغزالى الشك منذ صباه ، حين نظر إلى أمور الحياة نظرة تحليلية عملية باحثاً عن مبادئها الأولى وعللها البعيدة .
شك الإمام الغزالى فى جميع الحقائق المتعارف عليها ، والتى حصل عليها طوال حياته . وبدأ يتقصى بنفسه عن الحقيقة لكى يتوصل هو بجهده إلى اليقين ، حتى يصبح إيمانه بالإسلام قائماً على الإقتناع الذاتى وليس على الوراثة من الوالدين .
(ب) مجالات الشك المؤقت عند الغزالى :
وجه الغزالى شكة إلى الحواس والعقل والحياة الشعورية .
أولاً : الشك فى الحواس : ( لماذا ؟
شك الغزالى فى الحواس لأن المحسوسات مليئة بالمغالطات والأخطاء المنافية لليقين ( فالكوكب يبدو لنا فى حجم الدينار ، وهو فى الواقع أكبر من الأرض ) ولذلك يجب رفض هذه المحسوسات وطرحها جانباً .
ثانياً : الشك فى العقل (لماذا)؟
لأن أوليات العقل ( مثل قولنا العشرة أكبر من الثلاثة ) و ( النفى والإثبات لا يجتمعان فى الشئ الواحد ) هذه الأوليات قد تبطل بعد حين ، فقد تظهر بعد فترة من الزمن ( قوة أعلى وأبعد من العقل ) تثبت خطأ الثقة فى العقل وأولياته الأساسية .
ثالثاً : الشك فى الحياة الشعورية عامة :
إن الحياة كلها قد تكون (وهماً وخيالاً) وقد تكون (حلماً طويلاً) لم نستيقظ منه حتى الآن لنعرف حقيقة الأمور ، مثل الأحلام التى نراها فى النوم ونعتقد أنها حقيقة ، وعندما نستيقظ نكتشف أنها كانت وهماً .
[جـ] إنتقال الغزالى من الشك إلى اليقين والإيمان :
استمر شك الغزالى لمدة شهرين انتقل بعدهما إلى اليقين وقد مر الغزالى فى طريقه لليقين بالخطوات الثلاث التالية :
(1) المجاهدة الصوفية وتوهج النور الإلهى فى القلب .
فعندما بدأ الغزالى يعانى من الشك سارع إلى الإعتكاف والزهد فى الحياة ، وظل فى مجاهدات الصوفية طوال مدة اعتكافه حتى وصل إلى مرحلة عليا من (الكشف) ساعدته على أنه ( يقذف الله ) فى قلبه ( نور اليقين ) واصبح ( مكشوفاً عنه الحجاب ) ليدرك بهذا النور الإلهى كل الحقائق اليقينية
(2) الحدس القلبى للحقائق اليقينية : إن النور الإلهى يساعد القلب على حدث الحقائق اليقينية التى تعجز حواسنا وعقولنا عن إدراركها . فهو يرى أن هناك حقائق يقينية أعلى من العقل البشرى ولا يدركها إلى من تصوف .
(3) عودة الثقفة واليقين فيما كان موضع شك سابق : أخيراً عادت الطمأنينية إلى الغزالى بعد أن توصل – بواسطة النور الإلهى والحدس القلبى – إلى اليقين المنشود ، وشفى من مرض الشك ، وتيقن من وجود الله ووجوده هو نفسه ووجود العالم الخارجى ، لأن اليقين القلبى بوجود الله يجعل الإنسان متيقناً من صحة مخلوقات الله ويجعل النور الإلهى والحدس القلبى وسائل يقينية لإدراك مختلف حقائق الوجود التى كانت موضع شك سابق قبل التوصل إلى اليقين الإلهى .
[3] الشك المنهجى فى الحضارة الغربية ديكارت ( 1596 – 1650)
النهضة الأوربية ومكانة ديكارت :
ں ولد ديكارت وعاش فى فرنسا فى عصر النهضة . الأوربية الحديثة وكان معاصراً للفيلسوف الإنجليزى فرنسيس بيكون فى انجلترا .
ں بدأ ديكارت بحثه الفلسفى عن الحقيقة واليقين(عن طريق التأمل العقلى والمبادئ الرياضية ) بينما اتبع فرنسيس بيكون ( منهج الإستقراء والبحث التجريبى) .
ں يطلق على ديكارت لقب ( أبو الفلسفة الحديثة) .
ں من مؤلفات ديكارت الفلسفية ( مبادئ الفلسفة ) و ( مقال فى المنهج ) و ( تأملات فى الفلسفة الأول) .
أهمية الشك المؤقت ومبرراته عند ديكارت :
يرى ديكارت أن غالبية ما نعرفه ليس يقينياً تماماً ، وإنما أخذناه على علاته دون نقد . ولذلك فإنه يصبح من الضرورى أن نشك فى هذا المعارف – ولو لمرة واحدة – لكى نؤسسها على اليقين .
إن الشك – عند ديكارت – شك منهجى مؤقت لأنه يهدف للوصول إلى اليقين وليس شكاً مذهبياً مطلقاً .
تشبيه الشك بمثال ( سلة التفاح ) :
إن العقل البشرى يشبه ( سلة التفاح ) بها تفاح سليم وتفاح فاسد ، ومن الضرورى أن نفرغ كل ما فى السلة من تفاح ، ونستبعد الفاسد منه ونبقى على السليم ، كذلك يجب أن نلقى جانباً كل ما فى عقولنا من أفكار ، ونقوم بفحصها فكرة فكرة ثم نقبل الصحيح منها ونرفض الخاطئ .
ں الشك الديكارتى معرفى فقط ، الشك نوعان : مؤقت ودائم :
والشك المؤقت : ينصب على النواحي المعرفية فقط دون النواحى الخلقية والدينية المتصلة بحياة الإنسان العملية اليومية، وذلك حتى لا يتفكك المجتمع .
والشك الدائم هدام : وهو ينصب على الإرادة الإنسانية وأفعال الفرد
معنى المنهج عند ديكارت :
هو جملة من القواعد المؤكدة التى تعصم ذهن الباحث من الوقوع في الخطأ وتمكنه من بلوغ اليقين فيما يستطيع معرفته دون أن يستنفذ قواه فى جهود ضائعة .
يرى ديكارت أن العلم لن يكون يقينياً إلا إذا اتخذ صورة المعرفة الرياضية التي يكتسبها عن طريق المنهج الرياضي وهو " منهج عقلي استنباطي محدد يصل إلى اليقين " .
يقوم المنهج عند ديكارت على دعامتين هما :
الحدس : رؤية عقلية مباشرة يدرك بها الذهن بعض الحقائق ويسلم بها العقل تسليماً ، أى إدراك الحقائق اليقينية إدراكاً مباشراً دون مقدمات ودون الحاجة إلى شهادة الحواس .
الاستنباط : هو الانتقال من حقائق معينة مسلم بصحتها إلى نتائج تلزم عنها
قواعد المنهج الديكارتى :
(أ) قاعدة البداهة والوضوح :
يجب أن يحرر الإنسان نفسه من كل سلطة إلا سلطة العقل حين يبحث عن الحققة وهو يقول فى هذا الصدد " يجب ألا اتلقى شيئاً على الإطلق على أنه حق ما لم يتبين لى بالبداهة أنه كذلك مع تجنب التعجل وعدم التشبث بالآراء القديمة .
(ب) قاعد التحليل :
* نقوم بتقسيم كل مشكلة وتحليلها إلى عناصرها البسيطة حتى يمكن حلها ويشرح ذلك بقوله : " أقسم كل واحدة من المعضلات التي أبحثها إلى ما استطاعت إلى القسمة سبيلاً وبمقدار ما تدعو الحاجة إلى حلها على أحسن الوجوه .
(جـ) قاعدة التأليف :
وهى مكملة لقاعدة التحليل حيث يقول : " أرتب أفكاري بأبسط الأمور وأيسرها معرفة ثم أتدرج فى الترتيب حتى أصل إلى معرفة أكثرها تعقيداً وأرفض ترتيب الأمور التي لا يسبق بعضها البعض .
(ء) قاعدة الإحصاء والمراجعة :
مراجعة الخطوات السابقة لتكون على ثقة من أننا لم نغفل أى عنصر من موضوع البحث ، ويوضح ديكارت هذه القاعدة قائلاً : " أن أعمل فى جميع الأحوال من الإحصاءات الكاملة والمراجعات الوافية مما يجعلنى على ثقة من أننى لم أغفل شيئاً يتصل بالمشكلة المعروضة للبحث " .
مثال : حينما يقوم ميكانيكي بإصلاح عطل : بماكينة رى للزراعة " فإنه يقوم بتفكيك الأجزاء التى يعتقد أنها مصدر العطب وينظر فيها ليكتشف الجزء المعطوب ويقوم بإصلاحه ثم يعيد تركيب الأجزاء بعضها مع بعض مرة أخرى مراعياً الدقة ثم يختبر الماكينة بعد الإصلاح ليتأكد أنها تعمل من جديد وهنا يكون قد قام بعمله على الوجه الصحيح .
من الشك إلى اليقين :
وضع ( ديكارت ) منهجه الإستنباطى القائم على عمليتى الحدس والإستنباط ووضع قواعد لهداية العقل فى طريق البحث العلمي وكان يهدف بذلك إلى الوصول إلى الحقيقة اليقينية التى لا شك فيها .
وقد رأى ديكارت أن غالبية ما نعرفه ليس يقينياً تماماً وإنما اخذناه على علاته دون نقد ... ولذلك فإنه يصبح من الضرورى أن نشك فى هذه المعارف ولو لمرة واحدة لكى نؤسسها على اليقين
الشك عند ديكارت شك منهجى مؤقت : لأنه يهدف إلى الوصول إلى اليقين وليس شكاً مذهبياً مطلقاً ولذلك فهو يقول : " لم أكن مقلداً الإرتيابين الشكاك الذين لا يشكون إلا لمجرد الشك وإنما قصدت التثبت وإلى تجنب الأرض الرخوة والرمال المتحركة لكى أجد الصخر الصلب أى " اليقين " .
لقد أمن ديكارت بقدرة العقل البشرى فى الوصول إلى الحقائق اليقينية إذا ما أحسن استخدام العقل وتطهيره من كل العوائق التى قد تحول بينه وبين هذا الهدف المنشود .
المنهج الديكارتى :عند ديكارت للمنهج جانبان : جانب سلبي وجانب إيجابى
أولاً : الجانب السلبى فى المنهج الديكارتى
( وهو يتمثل فى الشك المؤقت فى معارفنا العقلية )
مجالات الشك وطريقة عند ديكارت :
أنصت شك ديكارت على ثلاثة مجالات أساسية هى : الحواس والحياة الشعورية والعقل .
1- الشك فى الحواس : إن الحواس خادعة لأن مدركاتها متغيرة ، ومن الحكمة ألا نطمئن كل الإطمئنان إلى من خدعونا ولو مرة واحدة .
2- الشك فى الحياة الشعورية : يرى البعض أن ما نقوم به من سلوك شعورى مثل القيام والجلوس والمشى مما ندركه بحواسنا الخاصة لا يمكن الشك فيه ولكن ديكارت يرفض ذلك ويقول : من يدرينا أن ما نراه الآن لم يكن إلا حلماً طويلاً مثل ما نراه فى أحلام النوم ونظنه حقيقة . فقد يأتى وقت نستيقظ فيه ونتأكد أنه ( وهم وحلم طويل)
3- الشك فى العقل : يرفض ديكارت أيضا أن يكون اليقين موجوداً فى الاستدلالات التى تستمد قوتها اليقينية من بداهة العقل . ( مثل قولنا عن مجموع 2 + 3 = 5 دائماً) . وقد رفض ديكارت ذلك بسبب ما يسميه هو ( الشيطان الماكر).
الشيطان المــــــــــــاكــــــــــــــر :
يعتقد ديكارت أن هناك ( شيطاناً ماكراً ) يضلل عقولنا منذ وجودنا فى الحياة وظل يخدعنا ويصور لنا الوهم حقيقة طوال حياتنا . وعلى ذلك فقد تكون هذه البديهيات العقلية – التى نعتقد بصوابها – خاطئة بسبب هذا الشيطان الماكر وهكذا كل الاستدلالات العقلية الأخرى قد تكون خاطئة ومضللة .
ثانياً : الجانب الإيجابى فى المنهج الديكارتى
( الإنتقال من الشك إلى اليقين )
اليقين الأول : يقين وجود النفس ( الكوجيتو)
عندما شك ديكارت فى الحواس والحياة الشعورية والعقل ، وجد نفسه أمام حقيقة لا يمكن الشك فيها ، وهى أن هناك وراء عملية الشك ( ذات مفكرة ) هى التى تفكر وتشك .
والذى يشك لابد وأن يكون مفكراً . والذى يفكر لابد وأن يكون موجوداً .
لهذا قال عباراته المشهورة ( أنا أفكر إذن أنا موجود Cogito ergo sum ) وهو ما يسمى ( بالكوجيتو الديكارتى) وقد توصل ديكارت ( بالحدس العقلي المباشر ) إلى أول حقيقة يقينية لا يمكن الشك فيها وهى حقيقة وجود ( الذات المفكرة ) .
اليقين الثانى : يقين وجود الله :
إن الإنسان الذى يشك ويفكر يشعر بأنه ( كائن ناقص ) و ( متناه ) يأتى به غيره إلى الوجود ، ثم يفنى بعد فترة قصيرة ويصبح ( عدماً ) . و ( شعور الإنسان بالنقص ) معناه أن لديه ( فكرة عن الكمال ) . فمن الذى ( فطر فينا هذه الفكرة ؟
إن هذه الفكرة جاءت إلينا بواسطة ( الله ) ( الكامل ) . لأن وجودها فى الذهن الداخلي للإنسان ، دليل على وجودها فى العالم الخارجي دون أن تكون دليلاً على أن الإنسان نفسه ( كامل ) فالله إذن موجود .
اليقين الثالث : يقين وجود العالم :
إذا كان الله ( كامل ) . وهو الذي غرس فينا ( فكرة الكمال ) . فهو أيضا ( صادق لا يكذب ) لأن الكذب يتنافى مع الكمال ، وهذا الصدق الإلهي هو الذى يضمن لنا :
ں صحة ويقين وجود العالم الخارجي الذى خلقه الله .
ں وهذا الصدق الإلهي هو الذى سيمنع الشيطان الماكر من خداع عقولنا .
وهو الذى يطمئنا على صحة إدراكنا لهذا العالم وموجوداته اليقينية الحقيقية وهكذا يكون ديكارت قد انتقل من الشك المؤقت إلى اليقين الدائم . يقين وجود (الذات المفكر) و (وجود الله) و (وجود العالم) .

مذاهب الجبرية والحرية عند المتكلمين
( الفـــــــــــرق الكــــــلاميــــــة )
[1] ظروف نشأة الفرق الإسلامية
(أ) ظهور الحركات الفكرية الأولى فى الإسلام :
1- بدأت الحركات الفكرية الأولى فى صدر الإسلام ، وكان يغلب عليها الطابع الدينى الإسلامى الخالص ، حين ارتبطت بمناقشة الدين الجديد لإرساء دعائمه .
2- تمثلت هذه الحركات فى حركتين أساسيتين هما :
* تأسيس ( علم أصول الفقه ) .
ں وتأسيس ( علم الكلام ).
(ب) تأسيس علم أصول الفقه ونشأة المذاهب الفقهية :
بعد وفاة الرسول r اجتهد بعض المفكرين المسلمين باستخدام النظر العقلى والقياس فى استنباط الأحكام الفقهية فى الأحداث التى لم يرد ذكرها صراحة فى القرآن أو السنة ، وقد أدى الإجتهاد العقلى فى أمور الدين إلى نشأة المذاهب الفقهية وتعددها . وكان من أهم مؤسسيها الأئمة : أبو حنيفة ومالك والشافعى ، وابن حنبل وغيرهم .
(جـ) تأسيس علم الكلام ونشأة الفرق الإسلامية :
ظهرت حركة المتكلمين لتمثل اتجاهاً فلسفياً إسلامياً خالصاً لم تدخله مؤثرات خارجية إلا فى أواخر عهدها .
حاول المتكلمون معالجة المشكلات العقلية والدينية والإسلامية وتصدوا للدفاع عن الإسلام ، مستخدمين العقل على اساس أن الإسلام فى جوهره دين عقلى .
[2] الجهمية ونفى حرية خلق الأفعال
جـــــــــهم بن صفــــــــــــــــوان
(أ) الموقف العام للفرقة :
1- يرى جهم بن صفوان أن الإنسان مجبر على أفعاله وسلوكه ، وأن ما يعتقد أنه حرية اختيار هو مجرد وهم . لأن الله هو الذى قدر لنا تلك الحياة سلفاً . ونحن مجرد منفذين لمشيئة الله وإرادته الهائلة .
2- يقول جهم إن الإنسان لا يقدر على شئ . ولا يوسف بالإستطاعة وإنما هو مجبور على أفعاله . لاقدرة له ولا إرادة ولا اختيار . والله يخلق الأفعال فينا كما يخلقها فى سائر الجمادات . وهى تنسب إلينا مجازاً .
( فالقول بأن الشجرة أثمرت والشمس طلعت والماء جرى والحجر تحرك ، يتساوى مع القول بأن الإنسان كتب أو قرأ أو سرق أو قدم إحساناً ... إلخ ) .
3- أكد جهم بن صفوان أن الله وحده هو الذى يوصف بأنه ( قادر وموجود وفاعل وخالق ومحيى ومميت ) لأن هذه الأوصاف تخصه وحده وأنه ( لا فعل ولا عمل لأحد غيره ) .
4- إن ( الثواب والعقاب أيضا جبر ، والتكليف جبر ، والإيمان جبر والكفر جبر ، وكل شئ فى الوجود مقدر منذ الأزل ، وأن الله خلق المؤمنين مؤمنين والكافرين كافرين ) .
فإبليس كان كافراً قبل العصيان ، وأبو بكر وعمر كانا مؤمنين قبل الإسلام ، والأنبياء – عليهم السلام كانوا أنبياء قبل الوحي . وكل ما سوف يحدث فى المستقبل من وقائع محدد سلفاً ومنذ الأزل
[ب] مبررات الموقف الجبرى عند جهم بن صفوان :
اعتمد على تأويل بعض الآيات القرآنية فيرى جهم أن القول بحرية الإرادة عند الإنسان يعنى حرية خلقه للأفعال ولما كان الخالق الوحيد لكل ما فى الوجود هو الله ، فإن هذا يعنى أن الإنسان أصبح شريكاً لله فى عملية الخلق . ولذلك تكون الدعوة إلى حرية الإرادة منافية لوحدانية الله وهى تؤدى إلى الشرك بالله . وهذا هو السبب فى تطرف جهم بن صفوان فى نفى حرية الإرادة عند الإنسان
[3] المعتزلة وتأكيد حرية الإرادة الإنسانية :
واصــــــــــــل بن عـــطــــــــــــــــــاء
(أ) نشأة الفرقة وموقفها العام :
كان واصل بن عطاء أحد تلاميذ الحسن البصرى ، ولكنه اختلف معه فى موضوع ( مرتكب الكبائر ) وهل هو كافر أو مؤمن ، وقال البعض إنه كافر والبعض قال أنه مؤمن لأنه لا يشرك بالله ولكن واصل بن عطاء قرر أنه ( فى منزلة بين المنزلتين ) فهو ليس بكافر وليس بمؤمن .
ولكن الحسن البصرى : رفض هذا الرأى فاعتزل واصل المجلس ، فقال الحسن البصرى اعتزلنا واصل ومن هنا أطلق على واصل وتلاميذه اسم (المعتزلة) كما يطلق عليهم أيضا ( أهل المنزلة بين المنزلتين ) وكذلك ( أهل التوحيد والعدل ) ذلك لأنهم ركزوا على العقل فى تفسير أمور الدين وفهم آيات القرآن الكريم وتفسير مشكلة حرية الإرادة الإنسانية .
(ب) رأى واصل بن عطاء فى حرية الإرادة الإنسانية :
(1) كان واصل يؤمن بمبدأ العدل الإلهى ؛ لأن الله كامل . والظلم يتنافى مع الكمال . والله العادل حين يصدر التكليفات للعباد يعطيهم القدرة على تنفيذ هذه الأوامر والتكليفات . وهذه القدرة تعنى أن الإنسان حر وقادر على خلق أفعاله ، ومخير فى تصرفاته . فإذا نفذ العبد أوامر الله وتكليفاته استحق الجنة ، وإن لم ينفذها استحق النار .
(2) إن تكليف الله للعباد يقضى بالضرورة أن يكون عندهم القدرة والحرية الكافية للتنفيذ . ولو انعدمت هذه القدرة وتلك الحرية سقطت التكليف وعقاب الله أو ثوابه للإنسان يقوم على العدل وعلى حرية الاختيار عند الإنسان .
أما لو كان الإنسان مسيراً ومجبراً ، فلماذا يكون التكليف ؟ ولماذا يكون الثواب أو العقاب والإنسان مسلوب الحرية ، وغير قادر على تنفيذ التكاليف . ؟
(3) إن حرية الإنسان وقدرته فى خلق أفعاله بنفسه لا تعنى الشرك بالله ، لأن الله عندما خلق العبد خلق فيه أيضا هذه القدرة المحدودة عنده لكى يساعده على تنفيذ التكليفات والأوامر الإلهية ، لكي يكون الله عادلاً فى الآخرة عندما يثيب من أطاع ويعاقب من عصي .

[4] الأشعرية والتوسط بين الجبرية والحرية
أبو الحسن الأشعري
(أ) نشأة الفرقة وموقفها العام :
(1) تنسب هذه الفرقة إلى أبى الحسن الأشعرى الذى اختار التوسط والاعتدال بين الجبرية عند الجهمية والحرية عند المعتزلة .
(2) كان من مبررات التوسط عند الأشعرى ما شاهده من انقسامات بين الفرق الإسلامية مثل ( الشيعة والخوارج والمرجئة والجبرية والمعتزلة وغيرهم ) حيث وصل الصراع بينهم إلى أن بعضهم كان يكفر البعض الآخر مما أدى إلى تشتت عقول المسلمين .
(3) تسمى نظرية الأشعرى باسم(نظرية الكسب) التى حاول بها وقف الصراع بين الفرق الإسلامية المختلفة وجمع المسلمين وتوحيد فكرهم حول مبادئ وسطى خالية من التطرف والكفر .
(ب) رأى الأشعرى فى حرية الإرادة :
نقد المذاهب السابقة :
ں نقد الجهمية أو الجبرية :
عاب الأشعري على الجبرية تطرفهم فى سلب العبد كل حرية ممكنة ، لأن هذا يعنى سقوط التكليفات والجزاءات . ولكنه أشاد بأنهم أرادوا أن يجعلوا الله وحده خالق كل شئ – بما فى ذلك أفعال العباد – منعاً للشرك بالله فى الخلق .
ں نقد المعتزلة فى الحرية :
عاب الأشعرى على المعتزلة أنه جعلوا العبد يخلق أفعاله بنفسه حسب إرادته الخاصة . فأصبح العبد خالقاً مثل الله الذى هو الخالق الوحيد . ولكنه أشاد بموقفهم بأن حرية العبد تبرر نزول التكليفات من الله ، كما تبرر عقاب الله وثوابه للعباد فى الآخرة ، نتيجة تحملهم مسئولية الاختيار . وهذا هو ما يتفق مع العدل الإلهى .
نظرية الكسب عند الأشعرى :
قال الأشعري بنظرية كسب الأفعال ، بمعنى الإقتران أو التلازم بين إرادة العبد ورغبته من جهة ، وخلق الله لأفعال هذا العبد من جهة اخرى . حيث يصبح الفعل من كسب العبد – حسب إرادته ونيته – دون أن يكون هو نفسه خالقه . فالله وحده هو الذى يخلق كل أفعال العباد ، ولكنه لا يخلقها للعبد إلا إذا رغب العبد فيها . أى أن رغبة الفرد أو نيته هى التى تصبغ عليه صفة الحرية فى الاختيار ، فيتحمل مسئولية أفعاله وما يترتب عليها من عدل الله فى إثابة المطيع وعقاب العاصى ، حيث يثيب الله من أطاع أوامره ( حينما رغب فى عمل الخير ) ، ويعاق
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ahmed19.arabepro.com
 
منهج الفلسفة كاملا (جزء أول)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» منهج الفلسفة كاملا (جزء ثانى)
»  شرح منهج مبادئ الفلسفة والمنطق والتفكير العلمى للصف الأول الثانوى
»  منهج المنطق كامل ( جزء أول)
»  منهج المنطق كامل ( جزء ثانى)
» تحميل منهج اللغة الفرنسية للصف الأول الثانوى

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الحكمة أحمد محمد الصغير ( معلم أول الفلسفة والمنطق) :: علم ومعرفة** مواد دراسية للثانوية العامة-
انتقل الى: